الخميس، 19 أغسطس 2021

 

تشرين الثالث :

سعيدٌ
ربّما لأنَّ الجوَّ مغبرٌ
رغمَ أنَّ ذرّاتِهِ أخفتِ اليوم.
يعقوبُ
ما الحاجةَ إلى الجوِّ الجميل
بعدَ مَوتِ هذا الكمِّ منَ الوجوه؟
ما الحاجةَ إلى زراعةِ الوردِ
بأصابعِ من يبتلعُ السَّجائر؟
قليلٌ من الضَّوءِ يكفي لكتابةِ النعي وقراءتهِ على أيِّ جدار.
قليلٌ من الدَّمعِ يكفي أيَ رَجلٍ يسكنُ أيَ مدينةٍ في أيِّ يومٍ ويتكلمُ أيَّ لغة.
مَن يُنصتُ لحفيفِ الأغصانِ غَيرُ صِغارِ طائرِ النَّقارِ،
بعدما يُصادر الصَّيادُ الأبوين
ويتركُ لهم الشَّجرةَ.
قد تُمطرُ السماءُ حينها
وتصرخ
ثمَّ تهدأُ مثلَ أيِّ أمٍّ منكوبةٍ
يَسرُقها النَّومُ ليُنهيَ الأمسَ
وتصحو لتُعاودَ الكلامَ مع السَّماء.
العامُ يَمضي على هذا البلدِ
وعلى أيِّ بلدٍ بذاتِ البُطء.
بئرُ يوسفَ يَحنُّ لأيامِ النَّبي
يتوسلُ إلى الخطيئةَ
والذِّئبَ لتناولِ أيِّ شرابٍ أحمرَ.
كثيرةٌ هي الذكرياتُ في رأسي
أفكارُ العودةِ أربعونَ تشرينا
ربَّما لا يزال البعضُ منهم يلعبُ هناك
نَسيَ أن يكبَرَ مثلَنا
لم يرتدِ شَارِبا وبَدلةَ عَملٍ
أو يُفكرْ بالدورانِ عكسيًّا حولَ كوكبِ الأرضِ
كما يَفعلُ الكُل.
قد أضعنا أوراقَنا الشخصيةَ
في طريقِ الهروبِ الى الغد
أضعنا طريقَ العودةِ
أضعنا هذا الكمَّ من الوجوهِ
وأَوقَفَنا اليومُ على حبلٍ رفيعٍ بملابسِ مهرِّجٍ عقيم.

 

الخميس، 17 يونيو 2021

( ودُّ )

قرابينٌ سنيني سوفَ تُهدى = إذا بادَلْتِني يا (ودُّ) ودَّا

       حياتي استوطنت عينيكِ عُمْرا= وسيفُ صَبابتي يَهواكِ غَمدا

           أتَيتُ فرائضي جَمعا وقَصرا= كأنِّي عَابرٌ يَنقادُ وَجدا 

    إلى عَزفِ الخَلاخِلِ صِرتُ أَهفو= وعيني عُلقتْ في الجِيدِ عِقدا

          فلو نِلتُ الهوى أطفأتُ ليلي=وقلتُ توسدي الكِّتمانَ مهدا

           فكلُّ جوارحي تَغدو كثَغرٍ= يرى كلَّ المَفاتنِ فِيكِ خَدَّا

        فيا نبض الذي يشتدُّ نبضا = وقد ذاقَ الجَفا في القُربِ بُعدا

              رَهنتُ القلبَ مُرتجيا وِصالا= ولُقيا مَبسمٍ بالقلبِ يُفدَى          

         وإنِّي واهبٌ للهمسِ سَمعا= وصمتَ حرائقٍ ليكونَ ردَّا  

           يُنادينا النَّهارُ بلا مجيبٍ = وهل حَفِظَ الجَوى للرُّشدِ عَهدا

          فأنتِ روايةٌ  قد دوَّنتني  = على أن أتبعَ الأشواقَ سَردا 

          تُقَرِّبُني إلى حَتفي وأرجو = إذا جدَّ الهوى أن أُستردَّا            

         عليَّ تساقطي مَطرًا غزيرًا= لكي أنمو على كفَّيكِ وَردا

         وكوني نشوةً تنتابُ صدري = وكوني رِحلتي كي أستَعِدا 

الأربعاء، 10 مارس 2021

( كوفيد )

 صغيرةٌ جدًّا أمنياتُ العصافير

لا تتعدى نصفَ غُصنٍ حيٍّ في الحديقةِ العامةِ

التي أُجالسُ أشجارَها المصابَة بالبَرد.

تزقزقُ

أفَهمُ ما تقصد.. وتَفهمُ..

صَفيري

ورَفرفةَ الأجنحة

نحنُ لا نُحبُّ هِرَّ الشّارعِ المُرقَّط

ونَخافُ صوتَ الرَّصاصِ

الذي لا يَملكُ أُذنينِ

ولا يخافُ منَّا

كم وعَدتُ أمِّي بالبقاءِ داخِلا

وأن أكتفيَ برسمِ الشَّارع

هي لا تعلم بأنِّي رَهنتُ مَفاتيحي

واشتريتُ زوجَ أحذيةٍ ومِعطفا.

أعلمُ سببَ رَفضِها

قَد أصيرُ عُصفورًا

غيرَ أني لا أستطيعُ رسمَ عُشٍّ

أو التّحليقَ في زمنِ الوباءِ.

لا حقولَ قمحٍ

لا لقاحاتٍ

ولا بَاباً هناك.

هادئةٌ هذي السماءُ

وواسعةٌ

تَستطيعُ أن تستوعِبَ كلَّ ما يَخطرُ ببالي.


بلال الجميلي / بغداد 2021


الأربعاء، 3 فبراير 2021

والأرض منفى

 جسدٌ أنا عريانُ رغمَ ردائي

هدَّتْ قِواهُ مواسمُ الفقراءِ

أمشي على خطِ الزَّمانِ مُسيَّرا
وكأنَّ ظلِي سارَ خلفَ قضائي

وقتي توقَّفَ يومَ زلزلةِ الردى
ألقى عَزاه وقد أخذتُ عَزائي

ناديتُ: ثُمَّ؟ أجابَ حَسبكُ دمعةٌ
ثُمَّ امتهنتُ تصبري وبكائي

مَن لي ومَن للساكنات بمقلتي
ومَسائِنا والغصَّةِ الرَّمضاءِ

غرقتْ بطوفانِ العبادِ سفينتي
تلكَ التي ركبتْ صعيدَ الماءِ

والأرضُ منفى قيدتني نورسا
قنصتْ جَناحي وازدرتْ أجوائي

وبَقيتُ أُحصي للحياةِ دقائقا
وأقرُّ أيَّ ذريعةٍ لبقائي

يا عَالِمًا بالحالِ كفِّي منبرٌ
مَرفوعةٌ مَشفوعةٌ بدعائي

اغتال سَيفُ الحُزنِ عُمْرا داخلي
وغَدَوتُ مُغترِبا عن الأحياءِ

فَصلٌ على الأيام قد عِشتُ الصِّبا
أُنهي شتاءً أَبتدي بشتاءِ

ذرني وصَمتي فالرضوخُ تضرُّعٌ
ولقد نَزفتُ تَضرعًا بشقائي

أحتاجُ تاريخا لأكتُبَ قِصَّتي
أو أكتفي بالصَّفحةِ البيضاءِ