الجمعة، 5 يونيو 2020

يا حاديَ النّهرين


فاضتْ عليكَ العينُ من إشفاقي 
 حتَّى قَضى طوفانُها إغراقي

يا حَاديَ النَّهرينِ في فردوسِنا
كيف اشتكيتَ الدَّهرَ من إملاقِ!

أنتَ الأراضي والقُرى وسَماؤها
 عِزُّ النَّخيلِ ونكهةُ الدُّرَّاقِ

أنتَ الحياةُ فكيفَ مَسَّكَ عُسرُها 
والأمسُ قد كَتَبتْ عَليهِ عِراقي! 

وطني شجًى دِفءُ الصُّدورِ مَلاذُه 
يَهتزُّ جنبَ الرَّابضِ الخفَّاقِ

يَلقَى النَّهارَ على لظاهُ مُكابِرا 
وثَراهُ يشكو لفحةَ الإحراقِ

وعليهِ أومأَ مَن تلاشى لحنُهُ
لمَّا هَفا للغُصنِ والأوراقِ

فيهِ الولادةُ والمَماتُ شَعائرٌ 
والعُمْرُ سُقيا رُقيةٍ من رَاقِ 

وتَطوفُ فوقَ بَنيهِ أَجنُحُ قَابضٍ 
مُتَرَصِّدٍ بالسُّوقِ والأعنَاقِ

يا من بَكيتُكَ والشَّواطئُ أدمُعٌ 
 ومَصَبُّها أبدا على الأحداقِ

طَهُرَ الهوى في رافديكَ تَيَمُّما 
والماء ُعَزَّ على النَّدى الرَقراقِ

من ذا يُعيرُكَ شَمسَ يومٍ واحدٍ 
حتَّى لتَملِكَ لحظةَ الإشراقِ

فيكَ استحالَ الدَّهرُ كُلَّ طُقُوسِهِ
 وبَقِيتَ إذ لا يُرتَجى من باقِ

خُذني بأَحضانِ الدِّيارِ مُواسيا
ومُلاقيا يُنهي فُصولَ فِراقي

بلال الجميلي/ حزيران 2020